random
إشراقات

تلخيص مفهوم الشخص مجزوءة الوضع البشري

ملخص مفهوم الشخص، مجزوءة الوضع البشري pdf
Grotte de Platon, attribué à Michiel Coxcie, milieu du XVIe siècle

ملخص مفهوم الشخص

محاور المفهوم

  1. الشخص والهوية
  2. الشخص بوصفه قيمة
  3. الشخص بين الضرورة والحرية

الطرح الإشكالي:

إن الحديث عن الشخص هو حديث عن الذات أو الأنا، والشخص هو مجموع السمات المميزة للفرد الذي هو في الأصل كيان نفسي واجتماعي متشابه مع الآخرين، ومتميز عنهم في نفس الوقت. لكن هويته ليست معطى جاهزا، بل هي خلاصة تفاعل عدة عناصر فيها ما هو بيولوجي، وما هو نفسي، وما هو اجتماعي، وهذا ما يجعلنا نطرح إشكال الشخص على شكل أسئلة فلسفية وهي:

  • فيما تتمثل هوية الشخص ؟
  • أين تكمن قيمته ؟ هل الشخص حر في تصرفاته ؟ 
  • أم يخضع لضرورات حتمية ؟

المحور الأول : الشخص والهوية

  • الإشكال: ما الذي يحدد هوية الشخص؟

أ- موقف جون لوك : الهوية والشعور.

تتمثل هوية الشخص في نظر جون لوك في كونه كائنا عاقلا قادرا على التفكير والتأمل بواسطة الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة، حيث لا يمكن الفصل بين الشعور والفكر، لأن الكائن البشري لا يمكن أن يعرف أنه يفكر إلا إذا شعر أنه يفكر. وكلما امتد هذا الشعور ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية، اتسعت وامتدت هوية الشخص لتشمل الذاكرة، لأن الفعل الماضي صدر عن الذات نفسها التي تدركه في الحاضر، إن هذا الشعور، حسب لوك، هو الذي يشكل الهوية الشخصية للفرد التي تجعله يشعر أنه هو هو لا يتغير، كما تجعله يشعر باختلافه عن الآخرين.

الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر، بل هو فيما يبدو لي، ضروري وأساسي تماما بالنسبة للفكر، ما دام لا يمكن لأي كائن بشري، كيفما كان أن يدرك إدراكا فكريا دون أن يشعر أنه يدرك إدراكا فكريا.
جون لوك، مقالة في الفهم البشري، الكتاب II فصل 27، فقرة 9 ص : 264-265

ب- موقف شوبنهاور: الهوية والإرادة

يلاحظ آرثر شوبنهاور، أن الفرد يكبر ويشيخ، لكنه يحس في أعماقه أنه لازال هو هو كما كان في شبابه وحتى في طفولته. هذا العنصر الثابت هو الذي يشكل هوية الشخص. إلا أن شوبنهاور لا يرجع أصل الهوية إلى الجسم لأن هذا الأخير يتغير عبر السنين، سواء على مستوى مادته أو صورته، في حين أن الهوية ثابتة. الشعور بالذاكرة والماضي: لأن الكثير من الأحداث الماضية للفرد يطويها النسيان. كما أن إصابة في المخ قد تحرمه من الذاكرة بشكل كلي، ومع ذلك فهو لا يفقد هويته. العقل والتفكير: لأنه ليس إلا وظيفة بسيطة للمخ. إن هوية الشخص في تصور شوبنهاور تتمثل في الإرادة، أي في أن نريد أو لا نريد.

إن هوية الشخص لا يذهبها النسيان، إنها تتوقف على الإرادة المستمرة للإنسان، وعلى الطبع الثابت الذي تمثله.
آرثر شوبنهاور

المحورالثاني: قيمة الشخص

  • الإشكال: من أين يستمد الشخص قيمته؟

أ- موقف كانط: قيمة الشخص في ذاته

إن الكائنات العاقلة (الأشخاص) في تصور إيمانويل كانط لها قيمة مطلقة، باعتبارها غاية في حد ذاتها، وليست مجرد وسيلة لغايات أخرى. في مقابل الموضوعات غير العاقلة (الأشياء) التي ليست لها إلا قيمة نسبية، قيمة مشروطة بميولات وحاجات الإنسان لها، حيث لو لم تكن هذه الميولات والحاجات موجودة، لكانت تلك الموضوعات بدون قيمة. إن لها قيمة الوسائل فقط ، وهذا ما يحتم على الشخص، حسب كانط، الالتزام بمبدأ عقلي أخلاقي عملي هو: إن الطبيعة العاقلة (الشخص) توجد كغاية في ذاتها.

ب– قيمة الشخص والجماعة

إن فكرة استقلال الذات المفكرة والشخص الأخلاقي، وكما تمت صياغتها من طرف الفلاسفة (ديكارت، كانط..)، لم تتحقق في الفكر الإنساني إلا في وقت متأخر، في نظر جورج غوسدورف. لكن بالرجوع إلى بداية الوجود الإنساني، وكما عاشها الناس فعليا، فإننا نجد الفرد كان يعيش ضمن الجماعة من خلال أشكال التضامن البسيطة والأساسية (الأسرة ، العشيرة، القبيلة..) التي سمحت لهذه الجماعة بالبقاء.

إن قيمة الشخص إذن لا تتحدد في مجال الوجود الفردي، حسب غوسدورف. ولكن في مجال التعايش داخل المجموعة البشرية.

المحورالثالث: الشخص بين الضرورة والحرية

  • الإشكال: هل الشخص خاضع للضرورة أم يتمتع بالحرية؟

أ– موقف سيغموند فرويد: الشخص والضرورة

لقد أقر سيغموند فرويد للأنا بوجود مستقل، كأحد مكونات الجهاز النفسي للشخصية، وله نشاط شعوري يتمثل في الإدراك الحسي الخارجي والإدراك الحسي الداخلي، والعمليات الفكرية. ويضطر للخضوع لثلاث ضغوطات متناقضة، وهي الهو الذي يتمثل في الدوافع الفطرية والغريزية. والأنا الأعلى الذي يتجلى في الممنوعات الصادرة عن المثل الأخلاقية، والعقاب الذي تمارسه بواسطة تأنيب الضمير. إضافة، إلى الحواجز التي يضعها العالم الخارجي والاجتماعي. إن الأنا يخضع، حسب فرويد، لضرورات الهو، والأنا الأعلى، والعالم الخارجي.

ب– موقف جون بول سارتر: الشخص والحرية

إن الإنسان حسب ج.ب. سارتر يوجد أولا، أي ينبثق في هذا العالم، ثم يتحدد بعد ذلك وفق ما سيصنع بنفسه، وكما يريد أن يكون في المستقبل. إن الإنسان مشروع يعاش بكيفية ذاتية. هذا الكائن المادي يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها، ويحددها، وذلك بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل أو الفعل أو الحركة في إحدى الإمكانات المتاحة أمامه. وبما أن هذه الوثبة تتخذ أشكالا متنوعة بحسب الأفراد، فإننا نسميها كذلك اختيارا وحرية. 

إن الشخص، في نظر سارتر، يتمثل قي قدرته على الحرية في الاختيار.

استنتاجات عامة

إن هوية الشخص ليست معطى بسيطا، بل هي عنصرا مركبا يتشكل من مجموع السمات التي تميز ذات الإنسان، والتي تتجلى في الخصائص الجوهرية والثابتة فيه كالعقل، والشعور، والإرادة إن قيمة الشخص ذات طبيعة مزدوجة، فهي قيمة تمسه كفرد يمتلك كرامة تلزمنا أن نتعامل معه كغاية في ذاته. كما تمسه كعنصر داخل الجماعة ما دامت الجماعة هي التي تمنح الفرد قيمته إن الشخص يخضع لمجموعة من الشروط التي تتحكم في أفعاله وتصرفاته، لكنه في نفس الوقت يمتلك هامشا .

author-img
OTHMANE RAJJAL

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent